تنظيم قطاع سيارات الأجرة بالمغرب: ضرورة ملحة قبل استضافة كأس لعالم 2030

تنظيم قطاع سيارات الأجرة بالمغرب: ضرورة ملحة قبل استضافة كأس لعالم 2030

 

 

يعتبر قطاع سيارات الأجرة في المغرب أحد الركائز الأساسية للحياة اليومية للمواطنين والزوار على حد سواء، فهو يوفر وسيلة نقل حيوية تربط بين مختلف أنحاء البلاد وتلعب دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد المحلي. ومع ذلك، يواجه هذا القطاع تحديات معقدة ومتعددة الأوجه تؤثر سلبًا على أدائه وتحد من قدرته على تقديم خدمات بجودة عالية، فالفساد المستشري والفوضى التي تسود عملية توزيع استغلال الرخص، وانعدام التنظيم والتنسيق بين الجهات المسؤولة، كلها عوامل تجعل من هذا القطاع أحد أكثر المجالات عرضة للاضطرابات والمشاكل.

ولا يختلف اثنان أن العمود الفقري لقطاع سيارة الأجرة هم السائقين، الذين يشكلون الفئة الأكثر مساهمة في أداء القطاع لمهامه والوجه الأبرز في المشهد اليومي حيث بحكم ظروف عملهم الغير المستقرة، يفتقرون الى الحماية القانونية والاجتماعية الضرورية على الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلونها يوميًا لخدمة الركاب، فإنهم يجدون أنفسهم في مواجهة نظام يفتقر إلى الشفافية والعدالة، وهنا الحاجة إلى إصلاح جذري كمطلب أساسي  مع اقتراب استضافة المغرب لكأس العالم 2030 إلى تنظيم هذا القطاع بشكل يعكس الوجه الحضاري للبلاد، ويضمن توفير خدمات نقل تتماشى مع الانتظارات المستقبلية.

في ظل هذه الظروف، أصبح من الضروري إصدار قانون منظم وشامل يضع إطارًا قانونيًا متينًا يحمي حقوق السائقين ويحسن من ظروف عملهم. هذا القانون يجب أن يتضمن معايير صارمة وواضحة تضمن عقود عمل مستقرة، تحدد ساعات العمل القانونية، وتوفر التأمينات الاجتماعية والصحية اللازمة لكل سائق. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يركز هذا القانون على إصلاح شامل لنظام توزيع الرخص، بحيث يضمن الشفافية والعدالة، ويمنع التلاعب والتمييز الذي يعاني منه المهنيون في الوقت الحالي.

النقابات، باعتبارها ممثلة لحقوق السائقين، يجب أن تتحمل مسؤوليتها في هذه المرحلة الحساسة فدورها لا يقتصر على المفاوضات التدبيرية فقط، بل يجب أن يمتد ليشمل المساهمة في صياغة قوانين تحمي السائقين من الاستغلال وتضمن تنفيذها بشكل فعال عبر تمثيلية في اللجان التشريعية تنزيلا لمبدأ التشاركية، فالنقابات النزيهة هي القادرة وحدها على تحقيق التوازن المطلوب بين حقوق السائقين ومتطلبات أرباب العمل في إطار الحكامة الجيدة، مما سيسهم بالتأكيد في تحسين بيئة العمل وتعزيز للاستقرار الاجتماعي المطلوب.

هذه المقاربة التي أسلفنا ذكرها ومع اقتراب استضافة المغرب لكأس العالم 2030، تتعاظم الحاجة إلى التحرك الفوري لإصلاح قطاع سيارات الأجرة ليكون قادرًا على تقديم خدمة تتماشى مع المستوى العالمي الذي يتوقعه الزوار. هذا الحدث ليس مجرد تنظيم لمباريات كرة القدم، بقدر ما هو فرصة لتقديم صورة مشرفة عن المغرب ملكا وشعبا، فالسائقون المغاربة، الذين سيكونون في الواجهة أمام ملايين الزوار، يحتاجون إلى دعم قانوني ومؤسساتي قوي يمكنهم من أداء دورهم بفعالية واحترافية. إن إصلاح قطاع سيارات الأجرة ليس مجرد مطلب مهني فئوي، بل هو ضرورة وطنية تتطلب تضافر الجهود من جميع الجهات المعنية. فمقياس النجاح في تنظيم هذا القطاع سيكون مؤشرًا على قدرة المغرب على مواجهة التحديات الداخلية وتحقيق تطور مستدام. هذا الإصلاح سيعزز الثقة في مؤسسات الدولة، ويضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة التي تولي اهتمامًا حقيقيًا لحقوق العمال وكرامتهم.

في نهاية المطاف، إن الطريق نحو تنظيم قطاع سيارات الأجرة قد يكون مليئًا بالتحديات، لكنه الطريق الوحيد نحو مستقبل أفضل للسائقين وللمغرب ككل. إن تحقيق هذا الإصلاح سيعكس الوجه الحقيقي للمغرب، وجه يلتزم بالعدالة والشفافية، ويعزز مكانته على الساحة الدولية كدولة قادرة على تنظيم أكبر الأحداث العالمية بكفاءة واحترافية.م

مراد مجاهد

Admin

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *