تحليل أكاديمي لقرار CNOPS باستبدال بطاقة الانخراط بشهادة: مقاربة إدارية وحقوقية

بقلم: أمين الحميدي
يشهد قطاع الحماية الاجتماعية بالمغرب مرحلة دقيقة في ظل تنزيل ورش التغطية الصحية الشاملة، ما يفرض على الفاعلين المؤسساتيين تبني مقاربات تشاركية تقوم على التنسيق، و تجاوز منطق الانفراد في اتخاذ القرار. في هذا السياق، يبرز القرار الصادر عن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) بشأن استبدال بطاقة الانخراط بشهادة الانخراط، كإجراء أثار العديد من الملاحظات الحقوقية و التنظيمية، لا من حيث مضمونه فحسب، بل كذلك من حيث شكله و مسار اتخاذه.
أولاً: بطاقة الانخراط كمرتكز إداري و هوية مؤسسية.
لقد كانت بطاقة الانخراط، منذ إحداثها، أداة إدارية فعالة تعكس هوية المنخرط داخل المنظومة الصحية و الاجتماعية، و تُستعمل كوثيقة مرجعية تسهل ولوج الخدمات وتسريع معالجة الملفات المرضية. وقد أثبتت فعاليتها من خلال توحيد البيانات و تقليص الزمن الإداري لمعالجة الملفات، مع تمكين الإدارات من التحقق السريع من انخراط المعني بالأمر دون الحاجة إلى وثائق إضافية.
في المقابل، فإن فرض شهادة انخراط تُستخرج بشكل متكرر يخلق عبئًا إضافيًا على المنخرطين، و يُعيد إنتاج منطق البيروقراطية الورقية، في تناقض صارخ مع التوجه العام نحو الرقمنة و تحديث الإدارة.
ثانيًا: المنهجية الأحادية في اتخاذ القرار: إخلال بمبدأ المشاركة.
من زاوية منهجية، فإن اتخاذ هذا القرار دون إشراك التعاضديات – و على رأسها التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية – يُعد ضربًا لمبدأ الشراكة الذي نصت عليه القوانين المنظمة، لا سيما القانون 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، و خاصة المادة 83 منه، التي تنص على أن تدبير التأمين الإجباري يتم من طرف التعاضديات تحت إشراف الصندوق، بما يقتضي تنسيقًا مستمرًا في كل ما يمس مصالح المنخرطين.
إن هذه المنهجية الأحادية تتعارض مع الفلسفة التشاركية التي يرتكز عليها المشروع الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، و التي تجعل من الحوار المؤسساتي مدخلاً أساسياً لإنجاح أوراش الإصلاح.
ثالثًا: التداعيات المحتملة على جودة الخدمات وثقة المنخرطين.
يعكس هذا القرار تراجعًا عن التوجه نحو تحسين جودة الخدمات، إذ من شأن إلزام المنخرطين باستخراج شهادة انخراط مع كل ملف، أن يُثقل كاهلهم إدارياً، و يطيل آجال معالجة ملفاتهم، و يؤدي إلى عزوف فئة من المواطنين عن الاستفادة من حقوقهم، بسبب تعقيد المساطر.
كما أن هذا التراجع في نوعية الوثائق الإدارية يُضعف الثقة بين المنخرط و المؤسسة، و يُربك مسار الإصلاح الذي يهدف إلى جعل الخدمات الصحية و الاجتماعية أكثر نجاعة و شفافية.
من أجل مراجعة القرار في إطار مقاربة تشاركية
بناء على ما سبق، فإنني، بصفتي ممثلاً منتخبًا عن الأجراء في التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، أؤكد على ضرورة مراجعة هذا القرار في أقرب الآجال، و فتح نقاش مؤسساتي موسع بين الصندوق و التعاضديات، لضمان الحفاظ على المكتسبات الإدارية، و تطويرها في اتجاه مزيد من التبسيط والرقمنة.
إن تحقيق العدالة الإدارية و الاجتماعية لا يتم من خلال العودة إلى الأساليب التقليدية، بل من خلال بناء مؤسسات قوية تعتمد التشارك، وتُراعي احتياجات المواطن، و تعمل على الرفع من جودة الخدمة العمومية في إطار من الحكامة و النجاعة